الأقوال 12 للمؤرخين في أصل البربر

يعتبر البربر إحدى الشعوب القديمة التي ازدهرت في مناطق شمال إفريقيا على مر العصور، تاريخهم العريق وثقافتهم الغنية جعلتهم موضوعًا للاهتمام والبحث المستمر؛ حيث عكف المؤرخون على دراسة جذورهم ونسبهم. يهدف هذا المقال إلى استكشاف أصل البربر، وذلك انطلاقا من بعض كتب التاريخ التي صنفها مؤرخو المسلمين.

أصل البربر السامي:

1. البربر من ولد إبراهيم:

تبنى بعض المؤرخين المذهب القائل أن البربر من ولد إبراهيم عليه السلام، وفي هذا الصدد ذكر ابن جرير الطبري ما يلي:

ولما ماتت سارة بنت هاران زوجة إبراهيم تزوج إبراهيم بعدها قطورا بنت يقطن، امرأة من الكنعانيين، فولدت له ستة نفر: يقسان بن إبراهيم، وزمران بن إبراهيم، ومديان بن إبراهيم، ويسبق بن إبراهيم، وسوح بن إبراهيم، وبسر بن إبراهيم، فكان جميع بني إبراهيم ثمانية بإسماعيل وإسحاق، فنكح يقسان بن إبراهيم رعوة بنت زمر بن يقطن بن لوذان بن جرهم بن يقطن بن عابر، فولدت له البربر

الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج:1، ص: 309.

2. البربر من ولد جالوت:

رجح بعض النسابة أن أصل البربر يرجع إلى قوم جالوت، وعليه يقول علي بن عبد العزيز الجرجاني:

لا أعلم قولاً يؤدي إلى الصحة إلا قول من قال إنهم من ولد جالوت. ولم ينسب جالوت ممن هو، وعند ابن قتيبة أنه ونور بن سربيل بن حديلان بن جالود بن ردیلان بن حظي بن زياد بن زحيك بن مادغيس الأبتر. ونقل عنه أيضاً أنه جالوت بن هريال بن جالود بن دنيال بن قحطان بن فارس.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 122.

3. قبائل حمير اليمنية:

من الأقوال التي ذكرها ابن خلدون في معرض حديثه عن أصل البربر هو كونهم من ولد النعمان بن حمير بن سبأ، أي من قبائل حمير اليمنية، فنقل عن ابن عبر البر ما نصه:

4. أصل البربر من القيسية:

ذهب بعض المؤرخين إلى القول بأن البربر من ولد بر بن قيس بن عيلان وفي هذا الصدد يقول المكناسي:

قيل ان البرابر أولاد بر بن قيس بن عيلان.

المكناسي، جذوة الاقتباس، ص: 15.

يقول ابن خلدون مفسرا وشارحا لهذا القول الذي تبناه بعض نسابة البربر وحكاه البكري:

وعند نسابة البربر، وحكاه البكري وغيره أنه كان لمضر ولدان إلياس وعيلان، أمهما الرباب بنت جبده بن عمر بن معد بن عدنان، فولد عيلان بن مضر قيساً ودهمان، أما دهمان فولده قليل وهم أهل بيت من قيس يقال لهم بنو أمامة. وكانت لهم بنت تسمى البهاء بنت دهمان، وأما قيس بن عيلان فولد له أربعة بنين وهم سعد وعمر وأمها مزنة بنت أسد بن ربيعة بن نزار وبر وتماضر وأمها تمريغ بنت مجدل، ومجدل بن عمار بن مصمود وكانت قبائل البربر يومئذ يسكنون الشام ويجاورون العرب في المساكن ويشاركونهم في المياه والمراعي والمسارح ويصهرون إليهم، فتزوج بر بن قيس بنت عمه وهي البهاء بنت دهمان، وحسده إخوته في ذلك. وكانت أمه تمريغ من دهاة النساء فخشيت منهم عليه، وبعثت بذلك إلى أخوالها سراً، ورحلت معهم بولدها وزوجته إلى أرض البربر وهم إذ ذاك ساكنون بفلسطين وأكناف الشام، فولدت البهاء لبر بن قيس ولدين: علوان وما دغيس، فمات علوان صغيراً وبقي مادغيس، فكان يلقب الأبتر، وهو أبو البتر من البربر، ومن ولده جميع زناتة . قالوا وتزوج مادغيس بن بر وهو الأبتر باحال بنت واطاس بن محمد بن مجدل بن عمار فولدت له زحيك بن مادغيس.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 125-126.

5. أصل البربر من العماليق السامية:

رأى بعض النسابة أن البربر من نسل سام بن نوح، يذكر ابن خلدون في هذا السياق قول بعض أهل الآثار ما نصه:

وذكر بعض أهل الآثار أن الشيطان نزغ بين بني حام وبني سام، فوقعت بينهم مناوشات كانت الدبرة فيها لسام وبنيه، وخرج سام إلى المغرب، وقدم مصر وتفرق بنوه، ومضى على وجهه يؤم المغرب حتى بلغ السوس الأقصى، وخرج بنوه في إثره يطلبونه، فكل طائفة من ولده بلغت موضعاً وانقطع عنهم خبره، فأقاموا بذلك الموضع وتناسلوا فيه، ووصلت إليهم طائفة فأقاموا معهم وتناسلوا هنالك.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 126.

يزيد الطبري في القول تفصيلا، ويقول أن البربر من العماليق من أبناء سام بن نوح.

قال الطبرى: البربر من بقايا العماليق، ولما ساقهم أفريقيش الحميرى بأمر نبي الله داوود الى أفريقية سموها باسم الذى ساقهم اليها فقالوا أفريقية.

المكناسي، جذوة الاقتباس، ص: 14.

وقال: وعمليق هو أبو العمالقة، ومنهم البربر وهم بنو ثميلا بن مارب بن فاران بن عمرو بن عمليق بن لوذ بن سام بن نوح، ما خلا صنهاجة وكتامة، فإنهما بنو فريقيش بن قيس بن صيفي بن سبأ.

الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج:1، ص: 207.

أصل البربر الحامي:

6. الأقباط المصرية:

يعتقد بعض المؤرخين أن البربر من ولد قبط بن حام بن نوح، يقول المكناسي متحدثًا عن هذا القول وناقلا عن ابن عبد البر ما نصه:

قال أبو عمر بن عبد البر: البربر من القبط والقبط من ولد قبط بن حام بن نوح، أول ما نزل قبط بن حام مصر، وأورث فيها بينه وهم القبط الذين كان ملوكهم الفراعنة، ومنهم تنسلت البربر.

المكناسي، جذوة الاقتباس، ص: 14.

وقال: اختلف الناس في أنساب البربر اختلافاً كثيراً. وأنسب ما قيل فيهم أنهم من ولد قبط بن حام، لما نزل مصر خرج إبنه يريد المغرب، فسكنوا عند آخر عمالة مصر، وذلك ما وراء برقة إلى البحر الأخضر، مع بحر الأندلس إلى منقطع الرمل متصلين بالسودان.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر ، ج:6، ص: 126.

في حين أن بعض النسابة لا يقولون بنسبة البربر جميعهم للأقباط إنما ينسبون لهم بعض القبائل فقط، يتحدث ابن حزم عن هذا الطرح ويقول:

ذكر لى أنّ نسّابى البربر يزعمون أن سدراتة، ومزاتة، ولواتة، من القبط.

ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، ص: 498.

7. البربر من ولد فارق بن بيصر بن حام بن نوح:

يرى بعض المؤرخين أن البربر من ولد فارق بن بيصر بن حام بن نوح، في هذا الشأن يقول اليعقوبي:

وكانت البربر والأفارقة، وهم أولاد فارق بن بيصر بن حام بن نوح، لما ملك اخوتهم بأرض مصر، فأخذوا من العريش إلى اسوان طولاً، ومن أيلة إلى برقة عرضاً، خرجوا نحو المغرب، فلما جازوا أرض برقة أخذوا البلاد، فغلب كل قوم منهم على بلد، حتى انتشروا بأرض المغرب.

اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج: 1، ص: 190.

8. البربر من ولد بربر بن كسلاجیم بن مسراييم بن حام:

ذكر ابن خلدون قول الصولي في هذا الصدد ما نصه:

قال الصولي: هم من ولد بربر بن كسلاجیم  بن مسراييم بن حام.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ، ج:6، ص: 123.

9. أصل البربر من كنعان الحامية:

نسب بعض الموؤخين البربر إلى ولد كنعان بن حام بن نوح، وقد اشتهر قول ابن خلدون في هذا الباب حيث يقول:

والحق الذي لا ينبغي التعديل على غيره في شأنهم أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح كما تقدم في أنساب الخليفة، وان اسم أبيهم مازيغ وإخوتهم أركيش وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام، وملكهم جالوت سمة معروفة له. وكانت بين فلسطين هؤلاء وبين بني إسرائيل بالشام حروب مذكورة. وكان بنو كنعان وواكريكيش شيعاً لفلسطين، فلا يقعن في وهمك غير هذا، فهو الصحيح الذي لا يعدل عنه. ولا خلاف بين نسابة العرب أن شعوب البربر الذي قدمنا ذكرهم كلهم من البربر إلا صنهاجة وكتامة… والحق الذي شهد به المواطن والعجمة أنهم بمعزل عن العرب إلا ما تزعمه نسابة العرب في صنهاجة وكتامة. وعندي أنهم من إخوانهم والله أعلم.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 127-128.

أخلاط من عدة أصول

10. أخلاط من كنعان والعماليق:

من الأقوال التي ذكرها المؤرخون هي اعتبار البربر خليطا من كنعان والعماليق، يقول ابن خلدون:

وذكر آخرون أن البربر أخلاط من كنعان والعماليق. فلما قتل جالوت تفرّقوا في البلاد وأغزى أفريقش المغرب ونقلهم من سواحل الشام وأسكن هم أفريقية وسماهم بربر.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 122.

11. البتر قيسيون والبرانس كنعانيون:

اعتمد بعض نسابة البربر القول بأن البربر ينقسمون لفرقتين اثنتين وأن كل فرقة تنتمي لأصل معين، وهذا الذي شرحه ابن خلدون بقوله:

وقال هاني بن بكور الضريسي وسابق بن سليمان المطماطي وكهلان بن أبي لؤي وأيوب بن أبي يزيد وغيرهم من نسابة البربر أن البربر فرقتان كما قدمناه وهما: البرانس والبتر. فالبتر من ولد بر بن قيس بن عيلان. والبرانس بنو بربر سحو بن أبزج بن جمواح بن ويل بن شراط بن ناح بن دويم بن داح بن مازيغ بن کنعان بن حام وهذا هو الذي يعتمده نسابة البربر.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 124.

12. أخلاط من أجناس كثيرة:

ذهب بعض المؤرخين إلى القول بأن البربر هم مجموعة متنوعة ومتعددة الأصول والأجناس، وفي هذا الصدد يقول الطبري:

إن البربر أخلاط من كنعان والعماليق وغيرهم. فلما قتل داود جالوت تفرقوا في البلاد.

الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، ج: 1، ص: 116.

وقيل: البربر قبائل شتى من حمير ومضر والقبط والعمالقة وكنعان وقريش تلاقوا بالشام ولغطوا فسماهم أفريقش البربر لكثرة كلامهم.

ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر، ج:6، ص: 123.

يُنظر لائحة المصادر والمراجع بتوثيقها الكامل.